ما هو البكاء؟
البكاء هو استجابة قد تكون تلقائية لما قد يشعر به الإنسان من حالة حزن أو فرح،
أحيانًا قد يتظاهر المرء بعدم الحزن ولكن تأبى عينيه أن تنصاع لهذا الأمر فتدمع رغمًا عنه فلا يستطيع إيقافها،
يبدأ الأمر باغروراق العين بالدمع، ثم ينسكب من العين انسكابًا لا يستطيع له إيقافًا،
ثم يهدأ الإنهطال،
إلى أن يحدث شئ يذكره بما يحزنه؛ فعندها تنعاد الكرّة مرة أخرى حتى ولو كان يحثه على عدم الحزن أو يصبره على ما أصابه أو حتى يدعوا له،
إلى متى يستمر هذا الأمر؟
هذا هو السؤال الذي لا نملك له جوابا !!
قد تستمر هذه الحال لساعات، لأيام، لأسابيع، لأشهر، أو حتى لأعوام…
كل موقف على حسبه، وحسب التأثر الناتج عنه، وعلى حسب عمقه،
ليست هناك مدة محددة لنقول أن هذا الموقف كان من الماضي.
ربما للنسيان عامل كبير للتخلص من هذا الشعور ولكن ماهو الوقت لا ندري !!
لكن الأكيد أن هذا الشعور يتوقف تمامًا عندما يحدث الأفضل بالنسبة للموقف نفسه، فيتغير الشعور تلقائيًا من حزن إلى فرح، ومن بكاء إلى ضحك، وينتقل الموقف إلى صفحات الماضي، ويذكر على سبيل الحكاية مصاحب بشعور أفضل لأنه يعقبه نتائج أفضل.
فالنسيان نعمة من النعم. يكفي أنه يُهدأ من شعور الإنسان في اللحظات الصعبة والأوقات المؤلمة.
أنواع البكاء
أفضلها على الإطلاق البكاء من خشية الله:
يكفي أن البكاء من خشية الله سبب من أسباب الرحمة، والغفران، ودخول جنة الرحمن.
فمن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله – كما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم – ((رجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه)).
يتساوى في ذلك الرجل والمرأة فلهما نفس الأجر والثواب.
نِعم البكاء هذا الذي يكون سببا لكل هذا النعيم.
ولابد أن يكون لكل منا نصيب من هذا النوع من البكاء ولو مرة واحدة في العمر.
البكاء عند فقد الأحبة:
وهو أمر وارد وطبيعي وصفة إنسانية معروفة بل ولا بأس بها.
فقد بكى النبي عليه الصلاة والسلام عند موتِ ابنه إبراهيم. فجعلت عيناه تذرفانِ.
فقال له عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه: وأنت يا رسول الله؟
فقال: ((يا ابن عوف إنها رحمةً. إنّ العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضى ربّنا، وإنّا بفراقك يا إبراهيم لمحزونون))
رواه البخاري
وبكى أيضا عليه الصلاة والسلام على شهداء مؤتة،
فعن أنسٍ رضي الله عنه، أن النبي عليه الصلاة والسلام نعى زيدًا وجعفرًا للناس قبل أن يأتيهم خبرهم، فقال: ((أخذ الرّاية زيدٌ فأصيب، ثم أخذ جعفرٌ فأصيب، ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناهُ تذرفانِ حتى أخذ الراية سيفٌ من سيوف الله حتى فُتح عليهم))
رواه البخاري.
فلا بأس ببعض البكاء لرقة قلب، وغسل عين، ونعي أحبة، لكن لابد ألا يقود ذلك إلا لما يرضي الله سبحانه وتعالى.
الخلاصة
لابد أن نعلم أن البكاء هو وسيلة من وسائل التعبير، لكنها ليست حلا من الحلول.
فلا بأس في البكاء؛ لكن البأس في أن نغرق فيه بدون خطوات عملية.
وكما يقول أبو العتاهية:
بكيت على الشباب بدمع عيني … فلم يغن البكاء ولا النحيب
فياليت الشباب يعود يوما … فأخبره بما صنع المشيب
صلوا على من بكى شوقا لرؤيتنا