بعد أن تكلمنا في مقال سابق عن “اليقين على أنه لا إله إلا الله” ، سنكمل حديثنا عن باقي هذه الجملة، ألا وهو محمد رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- .
طاعة الرسول وصلاح العمل
يقول الله عز وجل: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ )
لنتفكر في هذه الآية لنفهم الأومر الموجهة إلينا من الله.
أولا؛
نجد أن المخاطبين هنا هم المؤمنون.
وهذا يدل على أن الإيمان الحقيقي يكون بطاعة الله و طاعة رسوله معاً.
ثانياً؛
قرن سبحانه وتعالى طاعته بطاعة النبي صلى الله عليه وسلم.
ولهذا مدلول أن كمال طاعة الله سبحانه بطاعة النبي واتباع سننه.
ثالثاً؛
نجد في ختام الآية الكريمة (وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ ).
هنا لنا وقفه وتمعن في معنى هذا الكلام.
أن عدم طاعة الله وطاعة رسوله، وعدم الانصياع الكامل لهما؛ فيه إحباط للأعمال، وضياع ثوابها.
ولذلك؛ أي عمل لا نوصل فيه أو لا نضع فيه نية من نوايا طاعة الله وطاعة رسوله؛ فإنه عمل غير كامل الأركان. وأي عمل لا نتحرى فيه طاعة رسوله والاقتداء به أو فعله كما كان صلى الله عليه وسلم يفعل؛ فهذا أيضا نقصان للعمل.
طاعة الرسول من طاعة الله
والآية صريحة العبارة: ((وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ)).
الانصياع الكامل، واليقين على أن طريق النبي صلى الله عليه وسلم هو أفضل طريق بل هو الطريق الوحيد الموصل إلى الله سبحانه وتعالى.
واجتناب هذا الطريق؛ يوصلنا إلى ضلال ووعيد من الله سبحانه بشديد العقاب.
طاعة الرسول ومحبة الله
من منا يحب الله عز و جل؟!
كلنا!
وكلنا لله عبيد، وكلنا له محبون، فإن كنت على حبٍ حقيقي لله؛ فاتبع سنة النبي وطريقه.
يقول الله تبارك وتعالى: (( قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ )).
لتثبت أن حبك لله حبٌ حقيقي؛ عليك أن تبين هذا الحب بحب النبي صلي الله عليه وسلم، وحسن اتباعه، وإتيان سنته، والاقتداء به في جميع الأمور.
ما هو العائد عليك من ذلك؟
رضا الله ذو الجلال والإكرام، وأن الله سبحانه بعزته و شأنه يحبك أنت!
لك أن تتخيل إن أحبك الله سبحانه… ماذا سيفعل بك؟
إن كنت حبيبه؛
يكرمك في حياتك،
يهون عليك أمور حياتك،
ينفعك في الدنيا والاخرة،
ويزيل همك،
يفرج كربك،
يرضيك،
وكذلك أيضا مغفرة من الذنوب،
وغيرها وغيرها… تتحدد على مدى قربك من الله، وعلى مدى ودرجة اتباعك للنبي صلى الله عليه وسلم.
كيف نحول حياتنا كما كانت حياته صلى الله عليه وسلم؟
لأن النبي علمنا كيف نعيش على نهجه.
وتبين لنا كيف كانت حياته.
فكيف نُحَوِّل حياتنا كما كانت حياته صلى الله عليه وسلم؟
بتحويل العادات إلى عبادات.
بمعنى:
مثلا؛ في السنة آدابٌ للنوم، وكيف كان نومه صلى الله عليه وسلم.
ماذا كان يقول. ماذا كان يفعل.
فنحن إذا طبقنا ما كان يفعله؛ تحولت معنا عادة النوم إلى عبادة.
بمعنى أننا في نومنا نؤجر!
ننام ست ساعات، خمس ساعات، ثمان ساعات… كلها في ميزان حسناتنا.
الملائكة تكتب لنا حسناتٍ طوال فترة النوم!!
وغير ذلك من آداب الطعام، وآداب المجلس، وفي العمل، وفي التعامل مع الناس…
أي شيء في حياتنا إذا أدخلنا فيه سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ أصبحت فورا عبادة نؤجر عليها.
فهذه حقاً هي الحياة وهذا حقاً هو أفضل أسلوبٍ للحياة.
الخلاصة
إذا أردنا أن نكون ناجحين في شئ؛ فإننا بطبيعة الحال نحاول أن نسير على درب من نجح في نفس الشئ.
إن كنت تريد أن تكون طبيبا ناجحا؛ فتجد نفسك تقتدي بالأطباء المميزين في نفس المجال وتسأل عن سيرتهم وتسأل عن مسيرتهم وتحاول أن تذهب للأماكن العلمية التي أخذوا منها العلم..إلخ
وكذلك الشأن في جميع تخصصات وغايات الحياة…
إن كنت تريد أن تكون مهندسا ناجحا، إعلاميا ناجحا، محاسبا ناجحا، رياضيا ناجحا … الخ
لا غنى عما يسمى باللغة الإنجليزية “Mentor” يرشدك وتتبع طريقه ويعطيك خلاصة التجربة.
هذا في أمور الدنيا. ما بالك بأمر الدنيا والآخرة!