فبذلك فليفرحوا - مقال للشيخمهندس - حركة قاربوا

فبذلك فليفرحوا1 دقيقة للقراءة

معلوم أن لكل أمة عيدا. تختلف المناسبات و الأسباب و الدوافع وحتى الممارسات ، لكن يتفق مفهوم أساسي في كل ذلك ألا وهو الفرحة. الفرحة سمت المحتفل بغض النظر عن سبب الاحتفال.
[pvc_stats postid="" increase="1" show_views_today="1"]

معلوم أن لكل أمة عيدا. تختلف المناسبات و الأسباب و الدوافع وحتى الممارسات ، لكن يتفق مفهوم أساسي في كل ذلك ألا وهو الفرحة. الفرحة سمت المحتفل بغض النظر عن سبب الاحتفال.هذه طبيعة بشرية …

وحينما تتأمل؛ تجد أهل الباطل يحتفلون بباطلهم في أسمى درجات الإحتفال و الدعاية لهذه الأعياد. بينما تجد أهل الحق – على الرغم من تقصيرهم في العزائم – تجدهم أيضا مقصرين في الرُخَص!

هذه كلمة قاسية .. لكنها كلمة من محب !

لماذا نقتل فرحتنا بأيدينا ؟!

الفرح في العيد هو عبادة لا تقل أهمية عن الصوم أو الحج … 

يقول الله – سبحانه و تعالى – :{(  قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا …)} يونس 58

الفرح عبادة.. وعبادة عظيمة .. وفيها تعظيم لشعائر الله ..
يقول الله – سبحانه وتعالى – {( ذَٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ )} الحج 32

العيد يجمعنا بالخير … نحتفل بإتمام عبادة … نحسن الظن بربنا في قبولها بكرمه و فضله.

يشعر المسلم أنه منتمي لهذه الأمة ولهذا الدين حينما يجد المسلمين كلهم يشاركونه نفس السعادة لنفس السبب و نفس الغاية. سبحان الله !

يشعر الإنسان في هذه الحالة أن الله هداه إلى طريق الحق … ويحمد ربه أنه لم يتركه في سبيل الضلال.

لأن الإنسان بفطرته يحب الشئ الذي يرى أغلب الناس عليه … ويشعر بالأمان طالما وجد الجميع يشاركه في هذه المشاعر و يتضامن معه فيها …

فهيا بنا نجعل للحق سطوة على مشاعرنا … هيا بنا نشعر أولادنا – بنات و بنين – بهذه الأيام الفاضلة حتى ولو كان هناك من التحديات ما هو معروف للجميع..

للعيد فرحة بسبب أن الله بلغنا شهر رمضان و كنا من المصطفين في ذلك ، دون غيرنا ممن نعرفهم لكن لم يكتب الله لهم ذلك.

أعاننا الله على شئ من القيام و الذكر و التسبيح ؛ بينما نسى آخرون ذلك … فحق لنا أن نفرح بتوفيق الله.

وصل بعضنا إلى درجة عظيمة في العبادة كأنه صعد بروحه في السماء يستنشق رحيق النقاء … و صل بعضنا لما دون ذلك لكنه ما زال في هذه المشاعر الإيمانية العظيمة …. نفرح بهؤلاء الذين قد نكون لم نراهم … وقد نكون رأيناهم لكننا لا نعلم حالهم … نفرح لهؤلاء و نطمع أن يرزقنا الله مثل ما رزقهم.

يقول العلماء ” إظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين “

وهذا كلام صحيح … لماذا ؟!

لأن النبي – صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم – قد شَرًّع إظهار الفرح و السرور بتقريره.

عن أنسٍ قالَ : قدمَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ المدينةَ ولَهم يومانِ يلعبونَ فيهما فقالَ ما هذانِ اليومانِ قالوا كنَّا نلعبُ فيهما في الجاهليَّةِ فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ إنَّ اللَّهَ قد أبدلَكم بِهما خيرًا منهما يومَ الأضحى ويومَ الفطرِ.

الراوي: أنس بن مالك | المحدث: الألباني | المصدر:  صحيح أبي داود
الصفحة أو الرقم:  1134
خلاصة حكم المحدث: صحيح

فتجد هنا أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينكر اللعب الذي هو من مظاهر الفرح … إنما أنكر اليومان اللذان يحدث فيهما اللعب ! فالمخالفة في التوقيت و ليس في الأسلوب.

أيضا نجد هذا الخبر عن أم المؤمنين عائشة – رضي الله عنها وعن أبيها – في صحيح البخاري:

دَخَلَ عَلَيَّ رَسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ وعِندِي جارِيَتانِ تُغَنِّيانِ بغِناءِ بُعاثَ، فاضْطَجَعَ علَى الفِراشِ، وحَوَّلَ وجْهَهُ، ودَخَلَ أبو بَكْرٍ، فانْتَهَرَنِي وقالَ: مِزْمارَةُ الشَّيْطانِ عِنْدَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فأقْبَلَ عليه رَسولُ اللَّهِ عليه السَّلامُ فقالَ: دَعْهُما، فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُما فَخَرَجَتا، وكانَ يَومَ عِيدٍ، يَلْعَبُ السُّودانُ بالدَّرَقِ والحِرابِ، فَإِمَّا سَأَلْتُ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، وإمَّا قالَ: تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ؟ فَقُلتُ: نَعَمْ، فأقامَنِي وراءَهُ، خَدِّي علَى خَدِّهِ، وهو يقولُ: دُونَكُمْ يا بَنِي أرْفِدَةَ. حتَّى إذا مَلِلْتُ، قالَ: حَسْبُكِ؟ قُلتُ: نَعَمْ، قالَ: فاذْهَبِي..

الراوي: عائشة أم المؤمنين | المحدث: البخاري | المصدر:  صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم:  949
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
التخريج: أخرجه البخاري (949)، ومسلم (892)

فنرى في هذه الأحاديث مشاهد الفرح و مظاهر السرور والسعادة تقام بين يدي رسول الله – صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم – فأقرها  ، بل و احتفي بها …

ولكن للأسف تجد بعض الناس الذين يحاولون قتل أفراح العيد والتضييق على مشاعر المسلمين ؛ يحيدون عن هذا النهج النبوي سواء بقصد أو بدون قصد.

قتل الفرحة بدون قصد ؟!

نعم … لأنه فعلا ثبت عن أحد الزهاد قوله حينما مر على قوم يضحكون في يوم العيد ” إن كان هؤلاء تُقُبّل منهم صيامهم ؛ فما هذا فعل الشاكرين . وإن كان لم يُتَقبل منهم؛ فما هذا فعل الخائفين..”

وثبت عن أحدهم أيضا أنه يظهر عليه الحزن في يوم العيد… فيقال له: إنه يوم فرح و سرور. فيقول: ” إنني لا أدري هل قُبِل صيامي أو لا…” ( كتاب لطائف المعارف ص 376 ) 

لكن على الرغم من حسن نية هؤلاء إلا أن حسن النية وحده ليس كافيا في الاتباع. لابد من أن يجتمع مع حسن النية أن يكون العمل هذا موافقا لفعل رسول الله – صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم -.

جَاءَ ثَلَاثَةُ رَهْطٍ إلى بُيُوتِ أزْوَاجِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، يَسْأَلُونَ عن عِبَادَةِ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقالوا: وأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ قدْ غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ وما تَأَخَّرَ، قالَ أحَدُهُمْ: أمَّا أنَا فإنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أبَدًا، وقالَ آخَرُ: أنَا أصُومُ الدَّهْرَ ولَا أُفْطِرُ، وقالَ آخَرُ: أنَا أعْتَزِلُ النِّسَاءَ فلا أتَزَوَّجُ أبَدًا، فَجَاءَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ إليهِم، فَقالَ: أنْتُمُ الَّذِينَ قُلتُمْ كَذَا وكَذَا، أما واللَّهِ إنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وأَتْقَاكُمْ له، لَكِنِّي أصُومُ وأُفْطِرُ، وأُصَلِّي وأَرْقُدُ، وأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فمَن رَغِبَ عن سُنَّتي فليسَ مِنِّي..

الراوي: أنس بن مالك | المحدث: البخاري | المصدر:  صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم:  5063
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

فنجد هؤلاء مع حسن نيتهم إلا أنهم يجعلون الأعياد و المناسبات و النفحات الربانية مواسما لفتح الجراحات و النواح على مآسي المسلمين و تعداد المصائب… تجدهم يذكروننا بأن صلاح الدين لم يبتسم حتى فتح بيت المقدس … لكنهم قد يكون غاب عنهم أنه ( لكل مقام مقال ) … و ( لكل حادثة حديث ) .. 

لَفتة ونُصح

هذه المآسي التي نحن فيها هي أساسا من عند أنفسنا … ولن يكون علاجها بالتحازن ؛ إنما يكون علاجها بالتفاؤل و الشجاعة و مواجهة التحديات.

ولو أننا صرنا نحارب كل فرحة و ألبسنا على أنفسنا لباس الحزن ما حررنا بذلك أرضا و لا أشبعنا جوعا ولا أغثنا ملهوفا …

 ومن خطورة الحزن و الهم نجد أن رسول الله – صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم – يستعيذ من الهم و الحزن …

اللَّهُمَّ إنِّي أعُوذُ بكَ مِنَ الهَمِّ والحَزَنِ، والعَجْزِ والكَسَلِ، والجُبْنِ والبُخْلِ، وضَلَعِ الدَّيْنِ، وغَلَبَةِ الرِّجالِ..

الراوي: أنس بن مالك | المحدث: البخاري | المصدر:  صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم:  6369
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
التخريج: أخرجه البخاري (6369)، ومسلم (2706) بنحوه.

 ويعجبه الفأل الحسن …

كانَ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ علَيهِ وسلَّمَ يُعجبُهُ الفَألُ الحسَنُ، ويَكْرَهُ الطِّيرةَ.

الراوي: أبو هريرة | المحدث: الألباني | المصدر:  صحيح ابن ماجه
الصفحة أو الرقم:  2864
خلاصة حكم المحدث: صحيح

 دائم البشر … كثير التبسم…

عن عبدِ اللهِ بنِ الحارثِ بنِ جَزءٍ، قال: ما رأيتُ أحدًا أكثرُ تبسُّمًا من رسولِ اللهِ – صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ 

الراوي: عبدالله بن الحارث | المحدث: الألباني | المصدر:  تخريج مشكاة المصابيح
الصفحة أو الرقم:  5767
خلاصة حكم المحدث: ضعيف

دعوة للأمل

هيا بنا أيها الأحباب نجعل من هذا العيد فرصة لتجديد الأمل في قلوب أحبطها اليأس ، و أحاط بها القنوط ، و تفشت مظاهر اليأس و القنوط في أسمى صورها… 

هيا بنا نذكر بعضنا البعض أن المسلمين قد حوصروا في الخندق … لكنهم بعد سنوات فتحوا مكة!
سقطت بغداد … ثم بعد ذلك فُتِحَت القسطنطينية !

لنعلم أن الله – سبحانه وتعالى – لا يعجل لعجلتنا ولا تتحول سننه لأهوائنا ، فسنن الله لا تحابي أحدًا … من أحسن في العمل نال ثمرة هذا الإحسان … مهما كان هذا العمل…
فمن أحسن في الباطل ؛ نال الباطل … و من أحسن في الحق ؛ نال الحق … 

فإرادة الحق بحد ذاتها ليست سببا لنواله … بل لابد من السعي له سعيا صحيحا!

{( مَّن كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَن نُّرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَّدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَىٰ لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَٰئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا )} الإسراء 18-19

هيا بنا نتذكر في هذا العيد ما أبقى الله لنا من خير …   

ننتهج في ذلك نهج عروة بن الزبير … الذي رُوي عنه أنه قد  قطعت رجله ومات أحد أولاده … قال ما معناه ( اللهم إن كنت أخذت عضوا فقد أبقيت أعضاءا … و إن كنت أخذت إبنا فقد أبقيت أبناءا … فلك الحمد ) 

هيا بنا ننشر أمل يدفع إلى عمل … 

شيخمهندس
شيخمهندس

يُنادى بـ ( شيخ ) لأنه متخرج من جامعة الأزهر الشريف…
و يُنادى بـ ( مهندس ) لأنه متخرج من كلية الهندسة .. لذلك لُقِّب بـ ( شيخمهندس ) .. على غرار ( باشمهندس ) ..
معروف بخواطره و مساهماته الدعوية و التقنية على وسائل التواصل المختلفة ..
هدفه هو دعوة الناس إلى الموازنة بين الإلتزام الديني و الإلتزام الدنيوي، عن طريق لفت الإنتباه إلى أن : المُتَدَيِّن ؛ هو البعيد عن الحرام وليس عن الحياة

المقالات: 10

ما هو تعليقك ؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.