أول ذنب بشري وأول توبة بشرية. هذه قصة أبو البشر آدم عليه السلام _ حين أكل هو و زوجته من الشجرة التي قد كان الله أمرهما ألا يقرباها.
غريزة الخلود
ولكن وسوسة الشيطان وتزيينه بمسألة الخلود كانت سببا في النسيان.
فالإنسان حريص بفطرته على البقاء. يريد أن يكون خالدا. لا يريد أن يواجه حقيقة الفناء. هكذا غريزته و فطرته.
فنسي أمر الله وأكل منها ولكن الله تاب عليه. قال سبحانه “فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ”.
وجاء لفظ تواب على وزن فعال وهي صيغة مبالغة أي كثرة التوبة على عباده حتى ولو تكرر العصيان.
ومن منا لا يذنب ثم يتوب ثم يرجع وهكذا؟! …
فلنأخذ من قصته عليه السلام والتي هي من قديم الأزل أن الله يغفر للعبد ما دام يستغفر ويتوب فسبحانه قال في كتابه ” إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ “.
الشقاء
ثم ورد قوله ” لَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى” أي لو عصيت الله وفعلت ما نهاك عنه واستجبت للغاوين؛ فستشقى.
وفيه دليل على أن العصيان عواقبه الشقاء مهما كان الظاهر خلاف ذلك.
وقد كان حين أنزلهما الله إلى الأرض بعد أن كانا في الجنة.
وما أدراك ما الشقاء في نزولهم الأرض بعد النعيم في الجنة.
كيف انتقل الانسان من بيئة تخدمه إلى بيئة هو الذي لابد أن يخدم نفسه فيها!
فلنا في ذلك عبرة. أننا لابد أن نتجنب العصيان ابتداءا حتى لا نشقى.
لكل فعل رد فعل
ومع أن الله تاب عليه؛ لكن تم دفع ضريبة العصيان في الدنيا. فتوبة الله عليه ترتب عليها عدم المعاقبة في الآخرة فقط.
وفي ذلك وقفة. لا يوجد شئ مجاني. لكل فعل رد فعل. لكل شئ عواقبه. لكل معاملة ضريبة.
وهنا الفرق بين التوبة و العفو.
فالتوبة؛ لا يُعاقب بها في الآخرة. أما العفو؛ فلا يُعاقب به في الدنيا ولا في الآخرة.
لذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم في دعاء ليلة القدر (( اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني )). فالعفو أسمى درجات الغفران.
الخلاصة
فلنحذر من الشيطان أن يسول لنا كثرة المال أو الولد أو الخلود. و لنتب إلى الله في الدنيا قبل أن يأتي “يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ”.
فلو أن الله لم يشرع لنا التوبة لعشنا في شقاء ما بعده شقاء.
سبحان من سخر لنا التوبة و شرعها لنا. وسبحان من رسم لنا طريق السعادة و حذرنا من طريق الشقاء.