النبي يوسف هو أحد أبناء يعقوب -عليه السلام-؛ له من الإخوة 11 أخًا، وهو نبي من أنبياء الله وكانت دعوته لأهل مصر.
اتصف بالكرم وحسن الخلق والجمال الشديد. حيث قال عنه -عليه الصلاة والسلام- عندما سئل عن أكرم الناس: (مَن أَكْرَمُ النَّاسِ؟ قالَ أَكْرَمُهُمْ أَتْقَاهُمْ قالوا: يا رسول اللَّهِ، ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فأكْرَمُ النَّاسِ يُوسُفُ نَبِيُّ اللَّهِ، ابنُ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ نَبِيِّ اللَّهِ، ابْنِ خَلِيلِ اللَّهِ قالوا: ليسَ عن هذا نَسْأَلُكَ، قالَ: فَعَنْ معادِنِ العَرَبِ تَسْأَلُونِي قالوا: نَعَمْ، قالَ: فَخِيَارُكُمْ في الجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ في الإسْلَامِ إذَا فَقُهُوا)
والحقيقة أن نبي الله يوسف من الأنبياء الذين كانت حياتهم مليئة بالأحداث المثيرة والشيقة منذ نعومة أظافره عليه السلام. فقد جعل الله سبحانه وتعالى سورة كاملة من سور القرآن الكريم عنه وعن قصته.
ونظراً لأن الأحداث التي مر بها عليه السلام من الكثرة بمكان؛ فلا نستطيع أن نلم بها في مقال واحد.
لذلك سيتم تقسيم القصة على أجزاء.
والآن سأشير إلى أهم الأحداث التي مر بها عليه السلام في حياته إجمالاً، وبعد ذلك نتناولها بشيء من التفصيل:
١- قيام إخوة يوسف -عليه السلام- بإلقائه في البئر حسدًا وغيرة من اهتمام والده المحب له.
٢- وصول بعض السيارة والقوافل إلى البئر والعثور على سيدنا يوسف وأخذه معهم إلى وجهتهم، حتى بيع لعزيز مصر وأصبح عاملًا عنده.
٣- إعجاب امرأة العزيز بالنبي يوسف -عليه السلام- لشدة جماله ومراودته عن نفسه.
٤- براءة النبي الكريم من فتنة النساء بشهادة أحد أهل امرأة العزيز.
٥- حبس النبي يوسف في السجن مدة من الزمن بعد فتنة امرأة العزيز.
٦- تأويل النبي الكريم رؤية الرجلين في السجن.
٧- رؤية العزيز لمنام، وطلب تأويله ومعرفة فحواه من النبي يوسف بعد مدة طويلة من حبسه.
٨- تنصيب النبي يوسف -عليه السلام- عزيزًا على مصر وراعيًا لخزائنها وشعبها.
٩- قدوم إخوة النبي الكريم لأخذ نصيبهم من المكيل وعدم تعرفهم عليه.
١٠- اجتماع النبي عليه السلام مع أبيه بعد أن رد لأبيه يعقوب بصره الذي فقده من شدّة حزنه على ولده.
وإذا بدأنا الحديث عن يوسف عليه السلام مع إخوته وأبيه نرى أنه عليه السلام كان محبوب من الاب لدرجة جعلت الغيرة تدب في قلوب إخوة يوسف و جعلتهم يظنون أن لا مكانة لهم عند أبيهم مقارنة بحب أباهم لأخيهم يوسف.
هذا الحقد الذى تسلل لنفوس الإخوة جعلهم يعتبرون أخاهم عدوهم. بل تعدوا مرحلة العداوة بكثير!
فقد أخذوا يفكرون كيف لهم أن يجعلوا أباهم يلتفت لهم.
أشار بعضهم بقتله، وآخرين بضربه وتشويهه، بينما أقترح كبيرهم لما رأى أنه لا مفر من التخلص منه بإلقائه في بئر عميق ربما يعثر عليه بعض المارة من المسافرين ويأخذوه معهم بعيدا بدون الوقوع في كبيرة القتل.
لقيت هذه الفكرة الأخيرة استحسانًا وقبولاً فيما بينهم واستقر رأيهم على نفيه وإبعاده.
” قَالَ قَائِلٌ مِنْهُمْ لَا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِين”
لاحقًا شعر الأخوة بصعوبة تنفيذ هذه الخطط، لأن يعقوب كان حريصًا جدًا على يوسف ويرفض حتى اختلاط يوسف الزائد بهم وخروجه معهم.
لكن أخوة يوسف أصروا على تنفيذ خطتهم، فعادوا إلى أبيهم وسألوه عن سبب رفضه لخروج يوسف معهم ولماذا لا يأتمنهم عليه “قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا له لناصحون” طلب الأبناء بلطف من يعقوب أن يسمح ليوسف بالخروج معهم في اليوم التالي لكي يرتع ويلعب، ووعدوه بأنهم سيحافظون عليه ويحمونه
” أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ “
إلا أنَّ يعقوب أبدى عدم ارتياحه لطلبهم، وخاف أن يغفلوا عن يوسف وينشغلوا عنه فيأتيه ذئب فيأكله
“قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ “
طمأن الأبناء أباهم أنَّ يوسف سيكون في أيدٍ أمينة، وأنهم سيحافظون عليه كما وعدوه، متباهين بقوتهم وكثرتهم.
” قَالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَخَاسِرُونَ ”
فرضخ يعقوب لطلبهم ووافق على ذهاب يوسف معهم، ولكنه ظل يتوجَّس خيفة في نفسه من أن يصيب يوسف مكروه.
أدرك أخوة يوسف أخيرًا أنهم حصلوا على مرادهم، وبعد أن خرجوا من منزلهم وذهبوا بيوسف بعيدًا عن أبيه؛ راودتهم من جديد فكرة قتله والتخلص منه.
لكن هذه الفكرة لم تلقَ قبولًا بين الإخوة كلهم، فأجمعوا هذه المرة على إلقاءه في البئر ولم يعترض منهم أحد، وأوحى الله إلى يوسف بدون أن يشعر إخوته أن لا يحزن مما هو فيه، فإن الله سيجعل له من بعد ذلك فرجًا ومخرجًا حسًنا، وسينصره عليهم ويعليه ويرفع درجته، وسيخبرهم يوسف بما فعلوا معه من هذا الصنيع لاحقًا.
“فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَةِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هَذَا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ “.
ألقى الإخوة بيوسف في البئر المظلم، وظلوا عنده حتى غربت الشمس وغاب الشفق ودخل الليل، وكانوا قد اختاروا هذا الوقت لأنه وقت لا يمكن فيه أن يسمعه أحد وهنا سيبدأ عليه السلام مرحلة جديدة من حياته…..
وللحديث بقية…..